المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أتيته أواسيه وأعزِّيه لكنه


المشتاقة للجنة
10-26-2010, 09:12 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل لا أدري ما هو .. رجل لا أدري كيف هو .. رجل أثار إعجابي واستغرابي معاً .. أثار شجوني واستنزل الماء من عيوني .. في أحد الأيام أتاني آتٍ فقال لي : إن فلاناًً من الناس مات اليوم اثنين من أبناءه .. فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله إنا لله وإنا إليه راجعون.

فتوجهت إليه بخطى ثقيلة .. والحزن يملئ قلبي ، كيف أواسيه ؟ كيف أعزيه ؟ فهو نفس الرجل الذي مات ابنه قبل عام وأمه قبل ذلك ، فوالله إن حالته لتثير الأحزان .

ذهبت إليه وبرفقتي أحد إخواني في الله .. فقام هذا الأخ يذكِّر الناس بالصبر والاحتساب عند نزول المصائب .. وذكَر آيات وأحاديث عن فضل الصبر عند البلاء وفضيلة أهل البلاء الصابرين عند الله يوم القيامة ..

فكنت كغيري أسمع هذه الآيات والأحاديث .. لكنه للأسف لغفلة من هم مثلي لم تؤثر فيَّ كثيراً ، لاسيما أن ما ذكره ذلك الأخ كله أعرفه وأردده دائماً ، ومازال صاحبي يردد ويذكّر وحتى الآن لم أرى ذلك الرجل الذي لم أتصور كيف سأراه ..

إنني أترقب أن أرى رجلاً مكسوراً شاحب الوجه مقطب الجبين يذرف الدموع على فقد الأبناء وما أدراك ما فقد الأبناء ، فقلَّبت نظري في الحاضرين فرأيت وجوهاً شاحبة حزينة صامتة متأملة ، فقلت في قرارة نفسي هؤلاء أقرباءه وأصحابه فكيف هو إذاً ؟
عندها تمنيت والله أن أذهب من بيته ولا أرى منظره الذي لم يكن عندي شك أني إذا رأيته سأبكي شفقة عليه ، نعم سأبكي شفقة عليه ، كيف لا ؟ وقد فقد اثنين من أبناءه في لحظة واحدة والعام الذي قبله فقد أحد أبناءه أيضاً ، وقبلهم والدته ..


يا الله ، إنني أتعجب كيف لم يمت هذا الرجل من هذه المصائب المتتالية .. لكن الفاجعة التي فجعت صاحبكم ولم يكن يتصورها .. إنها الصدمة الرهيبة التي جعلت أطرافي ترتجف ، عندما قالوا لقد جاء فلان ، لقد بدأ يقترب وأنا لا أراه ، فقلت : يالله ماذا أقول له ، لعلي سأقول له : اصبر واحتسب فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل .. فكن صابراً لله وارضي بما قدر لك لتكون أسعد الناس ..


لكن هيهات هيهات ، فالذي أفكر فيه في وادٍ والذي حدث لي في وادٍ آخر ، لقد دخل رجلاً ظننته أخطأ المكان دخل رجلاً يرحب بالحاضرين ويحييهم ويسلم عليهم ، فقلت رجل مجنون أخطأ طريق قصر الأفراح ، لكني تعجبت إذا بالناس يتجهون حوله ويعزونه ، فصدمت والله بل صعقت ( إنه من أتيت لأعزيه ) ..

لقد جاء .. لكن كيف جاء ، لقد دخل ذلك الرجل متبسماً محييا للحاضرين مرحباً بهم ويردد : (حياكم الله أهلاً ومرحبا حياكم الله كيف حالكم ) ، ويسلم على كل واحد وهو ضاحكاً مسرور كأنه في يوم عرسه ..

فاقترب مني ووضعت يدي في يده وأنا في حالة لم أتوقع أن أصل إليها فوا لله الذي لا إله إلا هو لم أتصور أني سأرى إنسانا بهذه الصورة ، والله الذي لا إله غيره إني قمت إليه وكدت أسقط مما رأيت ، فما إن صافحته لكي أعزيه وأنا والله من يحتاج العزاء في تلك الساعة .. وقبل أن أنطق هزَّني ذلك الرجل ويده على كتفي ونظر إليَّ نظرة كلها صبر ورضى بمقدور الله ..

نظر إلي وقال لي معزياً : الحمد لله ، والله إني اشعر بانشراح في صدري لم أشعر به من قبل .. ( فوالله إني لم أتمالك نفسي ، فبدل أن أعزيه قلت : ما شاء الله عليك ، كثَّر الله من أمثالك ) ، لِما رأيته من رباطة جأش هذا الرجل وثباته ورضاه بقدر الله تعالى .

أخي الكريم : إني صدمت من هذا الرجل وذلك لتميزه بهذا الفعل فنحن لم نعتد على مثل هؤلاء الصابرين ، لقد اعتدنا أن نرى اُناساً يتسخطون عند المصائب ويولولون فتزداد مصائبه مصائب وتزداد حسراتهم حسرات ( لكن المؤمن نعم المؤمن أمره كله خير ) ..
أي والله ما أحلى حياة المؤمنين كلها .. دقها وجلها .. خير في خير .. إن كانت سراء شكر .. وإن كانت ضراء صبر .. وكلاهما لهما فيه خير .. كما جاء الخبر عن حبيبي صلى الله عليه وسلم .

إننا والله بحاجة إلى مثل هذه النوعية الطيبة من البشر .. إنه رجل لكنه أرسى من الجبال ، فهذا الرجل أصيب بمصيبة فرضي بما قدره الله له فكان كما قال تعالى وأمر ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) (156) سورة البقرة .. فكان جزاءه : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (157) سورة البقرة ..


لقد حفر ذلك الرجل في قلبي وفي قلوب الحاضرين جميعاً صورة لا تنسى من الرضى .. صورة لا تنسى من الصبر .. صورة لن تمحى من قلبي مدى الحياة ، فكان تأثير فعله على الناس أكثر من تأثير تلك الكلمة التي ألقاها صاحبي .. لأن الأفعال أبلغ من الأقوال بلا جدال .
بقلم : سلطان العطوي

ابو تسنيم
10-26-2010, 11:55 PM
بارك الله فيكم وفي نقلكم الطيب
وانا والله حدث هذا الامر عندما كنت في جنازه وبعد جنازه صاحب لي كان ابوه بالرغم من انهم كانوا يبيتون معه قبل وفاته 4 أيام كامله لاينامون حتي سمعوا خبر وفاته وكان وجهه قبل مصابه في صاحبي هو وجهه حتي بعد الدفن
الله اجعلني واياكم من الصابرين

المشتاقة للجنة
10-29-2010, 07:12 PM
اللهم امين
و بارك الرحمن بكم نسال الله ان يتبثنا