المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأبكم الفصيح


أم عبد المنعم
06-01-2012, 05:12 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأبكم الفصيح





هذه من عجائب القصص، ولولا أن صاحبها كتبها لي بنفسه،ما ظننت أن تحدث. يقول صاحب القصة، وهو من أهل المدينة النبوية: أنا شاب في السابعةوالثلاثين من عمري، متزوج، ولي أولاد. ارتكبتُ كل ما حرم الله من الموبقات. أماالصلاة فكنت لا أؤديها مع الجماعة إلا في المناسبات فقط مجاملة للآخرين، والسبب أنيكنت أصاحب الأشرار والمشعوذين، فكان الشيطان ملازماً لي في أكثر الأوقات.

كان لي ولد في السابعة من عمره، اسمه مروان، أصم أبكم، لكنه كان قد رضعالإيمان من ثدي أمه المؤمنة.

كنت ذات ليلة أنا و ابني مروان في البيت، كنتأخطط ماذا سأفعل أنا والأصحاب، وأين سنذهب. كان الوقت بعد صلاة المغرب، فإذا ابنيمروان يكلمني (بالإشارات المفهومة بيني وبينه) ويشير لي: لماذا يا أبتِ لا تصلي؟! ثم أخذ يرفع يده إلى السماء، ويهددني بأن الله يراك. وكان ابني في بعض الأحيانيراني وأنا أفعل بعض المنكرات، فتعجبتُ من قوله. وأخذ ابني يبكي أمامي، فأخذته إلىجانبي لكنه هرب مني، وبعد فترة قصيرة ذهب إلى صنبور الماء وتوضأ، وكان لا يحسنالوضوء لكنه تعلم ذلك من أمه التي كانت تنصحني كثيراً ولكن دون فائدة، وكانت منحفظة كتاب الله. ثم دخل عليّ ابني الأصم الأبكم، وأشار إليّ أن انتظر قليلاً…فإذابه يصلي أمامي، ثم قام بعد ذلك و أحضر المصحف الشريف ووضعه أمامه وفتحه مباشرة دونأن يقلب الأوراق، ووضع إصبعه على هذه الآية من سورة مريم: { ياأبت إني أخاف أن يمسَّـك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليّــاً}

ثمأجهش بالبكاء، وبكيت معه طويلاً، فقام ومسح الدمع من عيني، ثم قبل رأسي ويدي، وقاللي بالإشارة المتبادلة بيني وبينه ما معناه: صلِّ يا والدي قبل أن توضع في التراب،وتكون رهين العذاب...و كنت – و الله العظيم – في دهشة وخوف لا يعلمه إلا الله، فقمتعلى الفور بإضاءة أنوار البيت جميعها، وكان ابني مروان يلاحقني من غرفة إلى غرفة،وينظر إليّ باستغراب، وقال لي: دع الأنوار، وهيا إلى المسجد الكبير – ويقصد الحرمالنبوي الشريف – فقلت له: بل نذهب إلى المسجد المجاور لمنزلنا. فأبى إلا الحرمالنبوي الشريف، فأخذته إلى هناك، وأنا في خوف شديد، وكانت نظراته لا تفارقنيالبته...


ودخلنا الروضة الشريفة، وكانت مليئة بالناس، وأقيم لصلاةالعشاء، وإذا بإمام الحرم يقرأ من قول الله تعالى: { يا أيهاالذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاءوالمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا} [النور:21]


فلم أتمالك نفسي من البكاء، و مروان بجانبييبكي لبكائي، وفي أثناء الصلاة أخرج مروان من جيبه منديلاً ومسح به دموعي، وبعدانتهاء الصلاة ظللتُ أبكي وهو يمسح دموعي، حتى أنني جلست في الحرم مدة ساعة كاملة،حتى قال لي ابني مروان: خلاص يا أبي، لا تخف....فقد خاف علي من شدة البكاء .


وعدنا إلى المنزل، فكانت هذه الليلة من أعظم الليالي عندي، إذ ولدتُفيها من جديد. وحضرتْ زوجتي، وحضر أولادي، فأخذوا يبكون جميعاً وهم لا يعلمون شيئاًمما حدث، فقال لهم مروان: أبي صلى في الحرم. ففرحتْ زوجتي بهذا الخبر إذ هو ثمرةتربيتها الحسنة، وقصصتُ عليها ما جرى بيني وبين مروان، وقلتُ لها: أسألك بالله، هلأنت أوعزتِ له أن يفتح المصحف على تلك الآية؟ فأقسمتْ بالله ثلاثاً أنها ما فعلتْ. ثم قالت لي: احمد الله على هذه الهداية. وكانت تلك الليلة من أروع الليالي. وأناالآن – ولله الحمد – لا تفوتني صلاة الجماعة في المسجد، وقد هجرت رفقاء السوءجميعاً، وذقت طعم الإيمان...فلو رأيتَني لعرفتَ ذلك من وجهي . كما أصبحتُ أعيش فيسعادة غامرة وحب وتفاهم مع زوجتي وأولادي وخاصة ابني مروان الأصم الأبكم الذيأحببته كثيراً ، كيف لا وقد كانت هدايتي على يديه

المشتاقة للجنة
06-02-2012, 03:16 PM
سبحان ربي العظيم

بارك الرحمن بك اخيتي وفي حسن تقديماتك