المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحلقة الأولى : سورة الفاتحة - سلسلة الاعداد القرآنى لشهر رمضان


khaledbelal
06-17-2011, 05:34 PM
http://www.khaledbelal.net/up/uploads/khaledbelal.net_13029633741.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

الحلقة الأولى : سورة الفاتحة - سلسلة الاعداد القرآنى لرمضان


قبل البدأ فى التفسير الموضوعى و العرض المجمل لأهداف و معانى سورة الفاتحة لابد لنا من وقفة سريعة مع فضائل هذه السورة و التى تعد من أكثر السور التى أثنى عليها النبى و فضلها على غيرها بل فضلها الرب العلى و ميزها بقوله "و لقد آتيناك سبعا من المثانى و القرآن العظيم" فعلى قول جمهور المفسرين السبع المثانى هى الفاتحة فهى فى كفة و باقى القرآن فى كفة أخرى كيف لا و هى السورة التى جمعت أعظم المعانى التى وردت فى الكتب السابقة بل ما أوتى نبى مثلها كما فى حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته" رواه مسلم

بل هى الأعظم فى كتاب الله

فعن أبي سعيد بن المعلى قال مر بي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيت فقال: ما منعك أن تأتي، فقلت: كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُول، ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد فذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليخرج من المسجد فذكَّرته فقال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته. و في رواية :أفضل سورة في القرآن.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبي بن كعب فقال يا أبي وهو يصلي فالتفت أبي فلم يجبه وصلى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك فقال يا رسول الله إني كنت في الصلاة قال فلم تجد فيما أوحى الله إلي أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى ولا أعود إن شاء الله قال أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقرأ في الصلاة قال فقرأ أم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته . متفق عليه

و أخرج الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم في مسير فنزل و نزل رجل إلى جانبه قال : فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ألا أخبرك بأفضل القرآن قال : فتلا عليه { الحمد لله رب العالمين }

و هى مكان الإنجيل كما فى حديث واثلة بن الأسقع:"أعطيت مكان التوراة السبع الطوال ومكان الزبور المئين ومكان الإنجيل المثاني و فضلت بالمفصل"

و من أعظم ما يدل على فضلها على سائر القرآن الإسم الذى خصها به النبى فعن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج - ثلاثا - غير تمام ». فقيل لأبى هريرة إنا نكون وراء الإمام. فقال اقرأ بها فى نفسك فإنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « قال الله تعالى قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل فإذا قال العبد ( الحمد لله رب العالمين ). قال الله تعالى حمدنى عبدى وإذا قال (الرحمن الرحيم ). قال الله تعالى أثنى على عبدى. وإذا قال (مالك يوم الدين). قال مجدنى عبدى - وقال مرة فوض إلى عبدى - فإذا قال (إياك نعبد وإياك نستعين ). قال هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل. فإذا قال (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ). قال هذا لعبدى ولعبدى ما سأل ». رواه مسلم


و لنتأمل سويا قول المولى فى الحديث القدسى السابق "قسمت الصلاة " ثم لم يذكر بعدها إلا آيات من الفاتحة فكنى بالصلاة عن الفاتحة كأنها هى الصلاة
كيف لا؟و هى الصلة بين العبد و ربه و فى قراتها يكون الكلام بين العبد و مولاه يسمعه العابد بقلبه فى الدنيا و تسمو روحه عند استشعار الرد و ربه يرد عليه و يقول حمدنى عبدى و أثنى على عبدى و مجدنى عبدى


مغبون مسكين من لم يجد بهذه المشاعر و الصلة الروحية بينه و بين بارئه

و لذا استحق من تركها أن يقول عنه النبى "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب"

لأنه لم يتصل بربه و يكلمه و يرد ربه عليه

و لذا فهى ركن على الراجح لا تصح الصلاة التى هى عمود هذا الدين بدونها و هنا لفتة مهمة فهى بذلك أكثر السور فى معدل القراءة اليومية فرضا لا نفلا فالمسلم الملتزم بدينه الذى لا يفرط فى صلاته يقرأها فى يومه و ليلته على الأقل سبعة عشر مرة و قد تزيد عشرات المرات إن كان من أهل التنفل

و لابد هنا أن نسأل أنفسنا سؤالا ندلف منه إلى موضوع السورة

لماذا هذه السورة بالذات لها هذا المعدل العالى من القراءة ؟

لم فرض الله عليك أن تقرأها و تتأمل و تتدبر معانيها سبعة عشر مرة يوميا؟

لابد أن هناك معنى أو معان يحتاج كل مسلم أن يتذكرها الفينة بعد الفينة

ذهب جمهور الذين حاولوا الإجابة على هذا السؤال إلى أن هذا المعنى و الموضوع المحورى الذى تدور عنه السورة هو الدعاء الذى يتوسطها

أعظم و أخطر دعاء يحتاج المرء أن يدعو به ربه كل لحظة

سورة الفاتحة باختصار شديد عبارة عن دعاء سبقه ثناء

هكذا ببساطة؟

نعم . لكنه ليس أى دعاء و ليس أى ثناء

إنه دعاء بالهداية . الهداية التى من دونها الضلال عياذا بالله

لكى تعلم خطورة هذا الدعاء و أهميته لابد أن تعلم خطورة الشىء الذى تحتاج أن تهدى خلاله

إنه الصراط.

الصراط المستقيم فى الدنيا و الآخرة

هذا الطريق الصعب المحفوف بالمخاطر فى الدارين

ففى الدنيا حف هذا الصراط بالمكاره و الشهوات و ا لشبهات و امتلأ بالمزلات و الفخاخ و تربص بك فيه الأعداء من كل جانب خارجك و داخلك

و ما أوضح المثل الذى ضربه النبى لذلك الطريق حين قال "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَىِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِى عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِى مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِى قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ ».

و هذا الحديث يوضح المخاطر التى تحيط بهذا الطريق و الأعداء الذين يحاولون التأثير عليه ليلج الفتن و الشهوات و الشبهات و قد لا يستطيع الخروج منها فيكون ممن اتبع السبل كما قال المولى جل و علا "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"

وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا الأسود بن عامر : شاذان ، حدثنا أبو بكر - هو ابن عياش - عن عاصم عن أبي وائل ، عن عبد الله - هو ابن مسعود ، رضي الله عنه - قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ، ثم قال : " هذا سبيل الله مستقيما " وخط على يمينه وشماله ، ثم قال : " هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه " ثم قرأ : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) .

فطريق محفوف بالمهالك ممتلىء بالأعداء من شياطين الإنس و الجن و من قبلهم النفس الأمارة بالسوء حرى بالمرء أن يتأهب فيه و يهاب سلوكه بغير معين لذا تأتى الدعوة من قلب مفتقر و عقل يعى خطورة الأمر فيجأر بها كل لحظة لمن يستطيع إعانته على وعورته و يقول "إهدنا الصراط المستقيم"

أما فى الآخرة فالأمر أخطر و الصعوبة أشد فصراط الآخرة كما وصفه النبى دحض مزلة فيه خطاطيف و كلاليب و حسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فناج مسلم و مخدوش مرسل و مكدوس على وجهه في النار ] خرجاه في الصحيحين و في رواية لمسلم قال أبو سعيد الخدري بلغني أن الجسر أدق من الشعر و أحد من السيف

فيمره المؤمن كطرف العين و كالبرق و كالريح و كالطير و كأجاويد الخيل و الركاب و في رواية للبخاري [ حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ]

لكن كيف يوفق للمرور عليه بهذه السرعة و بسلام و هو بهذه الحدة و الخطورة ؟ لا شىء إلا أن ينجيه الله فيتذكر المؤمن ذلك فيدعو بحرقة أشد و بافتقار أكبر "إهدنا الصراط المستقيم"

لذلك نستطيع أن نقول أن هذا أهم دعاء يحتاج المسلم اأن يدعو به فى الدنيا لينجو فى الدنيا و الآخرة كيف لا و هو من دون ذلك ضال لا محالة لقول الله فى الحديث القدسى " كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم"

لكن لهذا الصراط الذى تطلب الهداية فيه خصائص و صفات تطلبها كذلك فى الفاتحة فهو طريق يعرف بسالكيه و ليس قفرا أنت أول من يسلكه

بل سلكه قبلك أناس زكاهم مولاك و تركوا لك آثارا عليك أن تقصها و تلتمس الصراط المستقيم بها

و هم الذين أنعم الله عليهم .

و لك أن تسأل من هؤلاء الذين لشرفهم ميز الله الصراط بهم و طلب منك أن تقفو آثارهم؟

يجيبك مولاك " وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً"

فهم القدوات و المتبعون من البشر الذين تسير على نهجهم

عليك أن تتذكرهم كلما قرأت الفاتحة و دعوت مولاك بهذا الدعاء

تتذكر أنك لست وحدك تسير إلى الله بل هم من قبلك سبقوك و كانوا لك خير سلف و عليك أن تكون لهم خير خلف

تتذكر أنك لست نبتا مجتثا لا أصل لك و إنما لك جذور و قواعد راسخة عليك أن تعتز بها و تهفو روحك إلى الاقتداء بها

و مع هذه الأصول فإن البعض يشتبه عليه الطريق و يلتبس و يخلطه بطرق أخرى شتان ما بينها و بينه بل قد يختار عامدا أن يسلك طريقا آخر ليس له و لا خير فيه و هو طريق المغضوب عليهم الذين علموا و لم يعملوا أو طريق الضالين الذين عملوا بجهل و ضلال و أبوا أن يتعلموا

يحذرك الله و يعلمك أن تتعوذ من طريقتهم و أن تتبرأ من سبيلهم التى سلكها و سيسلكها كثيرون كما أخبر الصادق المصدوق " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم

قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ؟!!رواه البخارى

فكما علمت و عرفت الطريق بمن سلكوه من قبلك من المزكين لابد أن تعلم السبل الأخرى لتتقيها و بضدها تتمايز الأشياء فشتان بين طريق العلم و الهدى و النور و طريق الجهل و العصيان و التمرد و الظلمات

هكذا انتهى الدعاء الذى اشتمل على كل الخير فى الدنيا و الآخرة لكن ليس من الأدب أبدا مع مولاك أن تدخل عليه هكذا بغير مقدمات بغير تذلل و ثناء

فتبدأ الفاتحة بالثناء على الله و التذلل بكل أنواع التوحيد

تثنى عليه و تحمده و تقر له بربوبيته فتقول "الحمد لله رب العالمين"

و الحمد هو الثناء لكنه ثناء بحب

ثم تستمر فى الثناء بذكر أحب أسمائه و صفاته إليه فتقول "الرحمن الرحيم "

و هى الصفة التى بدأ بها خلقه و كتبها يوم خلقهم على عرشه"إن رحمتى سبقت غضبى"

ثم بعد أن بدأت بصفات الجمال تثنى و تمجد بصفات الجلال و أعظمها أن تقر أنه الملك المالك فهو يملكك و يملك الكون كله و هو الملك الحاكم له صاحب السلطان عليه "ألا له الخلق و الأمر" تقر بهذا الملك المستحق لملك الملوك سبحانه فتقول "مالك يوم الدين"

ثم بعد أن أقررت له بكل الثناء و المجد تكون النتيجة أنه وحده المستحق لعبادتك و لا شريك له فى ذلك فتقترب أكثر و تعاهده قائلا " إياك نعبد" ثم تتذكر ضعفك و تقصيرك و تخشى من تبعات هذا التقصير على ذلك العهد الذى قطعته للتو فتتبرأمن حولك و قوتك و تطلب المعونة منه وحده و تقول" و إياك نستعين"

ساعتها إن قلت ذلك و انت تعنيه و تقصده و لا يعلم حقيقة ذلك إلا الله تتوطد العلاقة أكثر فأكثر إلى مرحلة غير مسبوقة

إلى مرحلة يكون فيها أسرار بينك و بينه و هذا لا بكون إلا بين القريبين من بعضهم و ليس أرباب العلاقات السطحية

هذا السر يتضح فى قوله ردا على ما عاهدته به من إخلاص العبودية حين يقول المولى عز و جل "هذا بينى و بين عبدى "

فياله من شرف و ياله من مقام و صلت إليه بفضله و علمك كيف تصل إليه بمنه فله الحمد و المنة

بعد هذا الأدب و بعد هذا التمجيد لك الآن أن تسأل و تطلب و كلك رجاءا فى الإجابة بعد أن وعدك " و لعبدى ما سأل "

هذا و ما كان من توفيق فمن الله و حده و ما كان من زلل فمنى و من الشيطان و أبرأ ألى الله منه

وغدا بإذن الله مع سورة البقرة إن أحيانا الله

وكتبه
الفقير لعفو ربه
محمد على يوسف
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/195664_100000808192061_862509_n.jpg

فى الخامس من شهر يونيو عام 2011



فهرس السلسلة (http://montada.khaledbelal.net/showthread.php?t=4429)

المشتاقة للجنة
06-17-2011, 08:06 PM
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله الله اكبر
جزاكم الرحمن خيرا على هذا التقديم

عمل قيم في ميزان حسناتكم