إضافة رد

  #1  
قديم 01-10-2012, 08:26 PM
الصورة الرمزية المشتاقة للجنة
المشتاقة للجنة المشتاقة للجنة غير متواجد حالياً

مراقبة عامة

 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 4,422
R0o0t2 الإيمان قول واعتقاد وعمل


الإيمان قول واعتقاد وعمل

ناصر بن سليمان العمر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وقائد الغر المبجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد، فقد سئلت مراراً عن مسألتين عظيمتين كثر الخوض فيهما، ألا وهما:

المسألة الأولى: هل العمل شرط كمال للإيمان أم شرط وجوب، أم هو شرط صحة وركن لا يقوم الإيمان إلاّ به؟

والمسألة الثانية: هل يكفر الإنسان بقول أو عمل؟


وللفائدة رأيت أن يكون هذا المقال جواباً على المسألتين باختصار، أما المسألة الأولى: فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان هو قول باللسان وقول بالقلب، وعمل بالجوارح وعمل بالقلب، ولهذا كان من قول أهل السنة أن الإيمان قول وعمل، وقولهم: الإيمان قول وعمل ونية، فالإيمان اسم يشمل أربعة أمور لابد أن تكون فيه، وهي:
- اعتقاد القلب أو قوله، وهو تصديقه وإقراره.
- عمل القلب، وهو النية والإخلاص، ويشمل هذا انقياده وإرادته، وما يتبع ذلك من أعمال القلوب كالتوكل والرجاء والخوف والمحبة.
- إقرار اللسان، وهو قوله والنطق به.
- عمل الجوارح –واللسان من الجوارح- والعمل يشمل الأفعال والتروك قولية وفعلية.

والأدلة على أن أعمال الجوارح داخلة في اسم الإيمان كثيرة، ومن ذلك ما ثبت عند مسلم في(كتاب الإيمان، باب: الإيمان ما هو؟ وبيانُ خصاله) حديث وفد عبد قيس، وقد جاء في بعض طرقه في الصحيح، أنه _ صلى الله عليه وسلم _ أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال:"أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟"، قالوا: الله ورسوله أعلم.. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس، ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت، وقال: احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم، وقد أورد الإمام البخاري هذا الحديث في (كتاب الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان)،

وأدلة الكتاب على هذا كثيرة، منها: قول الله - تعالى -:"إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقاً"، وفي الآية الأخرى"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله"، وفي ثالثة:"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون"، وفي رابعة:"والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً"، والآيات في هذا كثيرة.
وقد بوب البخاري ومسلم في صحيحيهما أبواباً كثيرة تثبت أن الأعمال من الإيمان، ففي البخاري:
باب الحياء من الإيمان.
باب من قال: إن الإيمان هو العمل.
باب الجهاد من الإيمان.
باب تطوع قيام رمضان من الإيمان.
باب صوم رمضان احتساباً من الإيمان.
باب الصلاة من الإيمان.
باب اتباع الجنائز من الإيمان.
باب أداء الخُمس من الإيمان.

وغيرها، وفي مختصر مسلم:
باب بيان الإيمان بالله أفضل الأعمال.
باب الحياء من الإيمان.
باب من الإيمان حسن الجوار وإكرام الضيف.
باب من الإيمان تغيير المنكر باليد واللسان والقلب.
وغيرها من الأعمال، قال شيخ الإسلام في (الواسطية):"ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح".

فظهر أن اسم الإيمان يشمل كل ما أمر الله به ورسوله _ صلى الله عليه وسلم _، ويدخل في ذلك فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات، وإحلال الحلال وتحريم الحرام، واسم العمل يشمل عمل القلب وعمل الجوارح، ويشمل الفعل والترك، ويشمل الواجبات التي هي أصول الإسلام الخمس فما دونها، ويشمل ترك الشرك والكفر وما دونهما من الذنوب.

وعليه فحكم ترك العمل على أقسام:
- ترك الشرك وأنواع الكفر فهو شرط صحة لا يتحقق الإيمان إلاّ به.
- وأما ترك سائر الذنوب مما دون الكفر فهو شرط لكمال الإيمان الواجب.
- وأما عمل القلب وانقياده، وهو إذعانه لمتابعة الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وما يتبعه كمحبة الله ورسوله، وخوف الله ورجائه فهو شرط صحة.
- وكذلك إقرار اللسان بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله هو شرط صحة.
- وأما أركان الإسلام بعد الشهادتين فلم يتفق أهل السنة على أن شيئاً منها شرط لصحة الإيمان، بل وقع الخلاف في تارك المباني الأربعة بين أهل السنة.
- أما سائر الواجبات بعد أركان الإسلام الخمسة فلا يختلف أهل السنة في أن فعلها شرط لكمال إيمان العبد – أي: إن تركها من غير جحود لا يؤدي إلى الكفر -

وينبغي التنبه إلى أن المراد بالشرط هنا الشرط بمعناه العام، وهو ما تتوقف الحقيقة على وجوده، سواء كان ركناً فيها أو خارجاً عنها، وليس المراد أن الأعمال خارجة عن مسمى الإيمان، بل هي من مسمى الإيمان.

ومن هذا علم أن عمل الجوارح جزء من أجزاء الإيمان الأربعة، فلا يقال العمل شرط كمال للإيمان أو أنه لازم له، فإن هذا من أقوال المرجئة.

فتارك العمل الظاهر لا يكون مؤمناً، فالذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يقر بلسانه ولا يعمل لا يتحقق إيمانه؛ لأن هذا إيمان كإيمان إبليس وكإيمان فرعون؛ لأن إبليس أيضاً مصدِّق بقلبه، قال الله - تعالى -:"قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"وفرعون وآل فرعون قال الله - تعالى - عنهم:"وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً"فهذا الإيمان والتصديق الذي في القلب لابد له من عمل يتحقق به فلا بد أن يتحقق بالنطق باللسان، ولابد أن يتحقق بالعمل فلابد من تصديق وانقياد، وإذا انقاد قلبه بالإيمان فلابد أن تعمل الجوارح، أما أن يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه وهو قادر فأين الإيمان؟!! فلو كان التصديق تصديقاً تاماً وعنده إخلاص لأتى بالعمل، فلابد من عمل يتحقق به هذا التصديق وهذا الإيمان، والنصوص جاءت بهذا.

كما أن الذي يعمل بجوارحه ويصلي ويصوم ويحج لابد لأعماله هذه من إيمان في الباطن وتصديق يصححها وإلا صارت كإسلام المنافقين، فإن المنافقين يعملون؛ يصلون مع النبي _ صلى الله عليه وسلم- ويجاهدون ومع ذلك لم يكونوا مؤمنين؛ لأنه ليس عندهم إيمان وتصديق يصحح هذا العمل، فلابد من أمرين لصحة الإيمان:
- تصديق في الباطن يتحقق بالعمل.
- وعمل في الظاهر يصح بالتصديق.

أما تصديق في الباطن دون عمل فأين الدليل عليه؟ أين الذي يصححه؟ أين الانقياد؟

لا يمكن أن يكون هناك تصديق صحيح لا يصلي صاحبه ولا ينطق بالشهادتين وهو يعلم ما أعد الله لمن نطق بالشهادتين ولمن تكلّم بكلمة التوحيد من الثواب، ولما أعدّ الله للمصلين من الثواب ولمن ترك الصلاة من العقاب، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لبعثه على العمل، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لأحرق الشبهات والشهوات؛ فترك الصلاة إنما يكون عن شبهة والمعاصي إنما تكون عن شهوة والإيمان الصادق يحرق هذه الشهوات والشبهات.

وهذا يدل على أن قلبه خالٍ من الإيمان الصحيح، وإنما هو لفظ باللسان نطق به ولم يتجاوزه، وإلا لو كان عنده تصديق بقلبه أو إقرار بقلبه فقط ولم يتلفظ؛ فقول القلب لم يتجاوز إلى أعمال القلوب وإلى الانقياد، فالمقصود أن الذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يعمل بجوارحه هذا هو مذهب الجهمية.

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-*: يعسر التفريق بين المعرفة والتصديق المجرد، فيعسر التفريق بين المعرفة بالقلب والتصديق الذي ليس معه شيء من أعمال الجوارح، ويقول: هذا هو إيمان الجهمية – نسأل الله العافية - فالذي يزعم أنه مؤمن ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه مع قدرته هذا هو مذهب الجهمية، فلا بد من عمل يتحقق به هذا التصديق كما أن الذي يعمل لابد له من تصديق في الباطن يصححه.

وقد عد إسحق بن راهوية قول من قال بأن تارك عامة الفرائض من أهل القبلة من قول غلاة المرجئة، فقد نقل عنه ابن رجب في (الفتح) قوله:"غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قوماً يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها إنا لا نكفره، يرجأ أمره إلى الله بعد، إذ هو مقر. فهؤلاء الذين لا شك فيهم. يعني: في أنهم مرجئة".

وأخيراً أنبه على أمر ربما أشكل على البعض، وهو ما جاء في أحاديث الشفاعة من إخراج أناس لم يعملوا خيراً قط، وهذا قال العلماء فيه: أي: لم يعملوا خيراً قط زيادة على التوحيد والإيمان ولابد من هذا، فإن قيل: من أين جئتم بهذا القيد؟ فالجواب من نصوص الكتاب والسنة الأخرى الكثيرة التي تفيد ذلك، والواجب ضم النصوص إلى بعضها، وقد دلت النصوص على أن الجنة حرام على المشركين، وثبت في الصحيح أن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال:"لا يدخل الجنة إلاّ نفس مؤمنة"، وقد قال الله:"إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار"فهذه النصوص المحكمة يرد إليها ذلك الحديث، فالقاعدة عند أهل العلم: أن المتشابه يرد إلى المحكم، ولا يتعلق بالنصوص المتشابهة إلاّ أهل الزيغ والضلال،"فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"، وثبت في حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت:"إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم".

هذا فيما يتعلق بالمسألة الأولى،

أما المسألة الثانية وهي: هل يكفر الإنسان بقول أو عمل؟
فالجواب عليها:
أولاً: أنبه إلى أن الكلام على الأفعال والأقوال وليس عن المعين الذي قام بالفعل أو بدر منه القول، فقد يصدر الفعل أو القول ويمنع من إنزال الحكم على قائله أو فاعله مانع، فأهل السنة يفرقون بين القول والقائل والفعل والفاعل، حتى تتم شروط وتنتفي موانع.

المصدر موقع المشكاة


توقيع : المشتاقة للجنة


اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات

اللهم صل وسلم وبارك على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

رد مع اقتباس
إضافة رد


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
زينة الدنيا وعمل له فضل عظيم للشيخ نبيل العوضي أم عبد المنعم روضة الصوتيات والمرئيات العامة 2 12-19-2011 05:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله جميعا ، صباحكم وحدة وتعاون وعمل واي... S.N.N اخبار شبكة سلفي الاخبارية | S.N.N 0 09-13-2011 10:52 AM
أثر ضعف الإيمان على الأمة الإسلامية Nermeen روضة الحوار العام 5 05-22-2011 07:33 AM
تجديد الإيمان في القلب‏... Nermeen روضة علوم الحديث 5 01-11-2011 04:19 PM

استضافة الحياة

الساعة الآن 02:56 PM.


Powered by vBulletin® v3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , TranZ By Almuhajir
النسخة الفضية
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

SlamDesignzslamDesignzEdited by Riad Al-Ganah Team - جميع الحقوق محفوظة لشبكة رياض الجنة

Privacy Policy Valid XHTML 1.0 Transitional By SlamDesignz Valid CSS Transitional By SlamDesignz